حين تبدع الانامل النسوية / الشاعرة لورين ديب / سوريا



سألها ذاتَ صدفة جمعتهما بعد عمرٍ من الغياب : هل كرهتِني ؟
نظرت إليه .. وشريطٌ من الذكريات يمرّ أمام عينيها .. يااه !! هل كرهتُه ..!!
كم انتظرت هذه اللحظة التاريخية لتنتقمَ لكبريائها .. هاهو أمامها يسألُها هل تكرهُه ؟
هاهو بعد غيابٍ .. بعد انتظار .. بعْد يأس .. بعد جُرح غَائر لم ولن يلتئِم .. ها هو القَدر يجمعُها معَه .. واقفًا أمامَها .. يتطلعُ بعينيْها .. بدُموعِها المُتوارية خَلف صُمود .. خلف قسْوة .. خلف ضعف .. خلف قوة .. تُراه يقرأُ في ملامحِها .. حجمَ الوجعِ الذي خلّفه رحيلُه ؟ تُراه يسمعُ صهيلَ أحزانها ؟ تُراهُ يُدرك عمقَ آلامها وحجمَ خيبتِها به ؟ هل تكرَهُه ؟ أجيبي الآن .. قولِي ما عشتِ دهراً تتَحرَّقين لقوله .. قولي كل شَيء دفعة واحدة .. صُبِّي غضبَكِ المُلتهب .. أُنفُثي تلك الحرائقَ من دواخِلك .. أَضرمِي نِيران النّدم بأحشَائه .. اصفَعِي خدَّه .. لا بل اصفعِي قلبَه .. هيّا أيتها المرأة المُهمَلة على حَافة حبّ .. كوني وفيّة لبُكائِياتكِ الطَّويلة .. اُسرُدي أمَامه ما يليقُ بتلك المُقل المُثقلة بالأوجاع .. ما يَشفِي غليلَ ذاك الخافِقِ المكسور .. اِنتقمِي لانتظارِك ودموعِك ووفائِك وجراحِك وخيبَتِك .. انتقِمي للمرأة المكسُورة داخلَك .. هيّا .. كجُرعة نبيذٍ معتّق تحتسينَه دُفعة واحِدة .. قولي كلَّ شَيء واستعيدي ذاتك .. !!
نظرت إليه ..صَامتَه .. نظراتُها تؤلمُه .. لم يعُد يفهمُ صمتَها .. تُربكُه أنثى لا ترتمِي على صدرِه وتنهالُ عليه بشتَّى ألوانِ العتابِ واللّوم لا يفهم هذه المرأةَ الواقفَه أمامَه .. لا ينجحُ في قراءةِ مستجدّات عواطفِها .. تركَها قبل سنين عاشِقة .. وها هُو اليومَ يلقَاها .. كأنَّها نمِرة شرِسَة .. يحتاج ضعفها الأن . يحتاج أن تبكي أن تعاتبه أن تستفسر منه .. وتسألَه عن الغيابِ عن الأشواقِ عن امرأةٍ أخرى قبَّلَ شفاهَها .. وأخرى راقصَها .. وأخرى جلسَ معها يحتسِي الشّاي .. يحتاجُ أن يشعرَ أنّه مازال هو رجُلَ حياتها .. وحبيبَها وكلَّ حياتِها .. لكنها تُفاجئُه .. تُذهلُه ردّةُ فعلِها .. صمتٌ وصمتٌ وصمتٌ هوَ كلُّ ما يحصُل علَيه منْها ..
نَظرَت إليْه .. تنفّست بِعُمق .. ابتسَمت ابتسامة صافِيَة .. ومضَت..!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نواعير الشّوق / روضة بوسليمي / تونس

عمقك وطن / الكاتبة امل الخليفة